لماذا الخوف من المجهول؟

عثمان الأنصاري

يوصف عصرنا بأنه عصر القلق؛ وهناك أسباب متعددة لهذا القلق ولّدتها الحضارة الحديثة، والتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من التعقيدات الحياتية الحديثة.


أقر الإسلام منذ البداية بأنّ الإنسان مفطور على الخوف قال تعالى: (إنَّ الإنسانَ خُلِقَ هَلوعا إذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزوعاً وإذا مَسَّهُ الخيرُ مَنوعا) [المعارج:19].


التفكير في المجهول يرهق صاحبه ويخرجه من واقعه وهذا النوع من التفكير يحرم الناس سعادتهم مهما كان عندهم من نعيم الدنيا؛ لأنهم يخشون زوال النعيم وتبدل الأحوال، مع أن هذه هي سنة الحياة "يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ" فصاحب المال قد يفتقر، وصاحب الصحة قد يمرض مرضا مزمنا يموت معه، الآمن قد يُروَّع، الفقير قد يغتني، والمحب قد يُبغض.


فكلما جاءك هاجس الخوف من المجهول جدد العهد والوعد بأن ترضى وثق في معونة الله لك، وتذكر قول النبي عليه الصلاة والسلام: «عجبًا لأمرِ المؤمنِ، إن أمرَه كلَّه خير، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكرَ، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له» صحيح مسلم: [2999].

«وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ»

هل الخوف من المجهول مرض؟ وكيف نتخطاه؟

الخوف من المجهول قد يتحول لمرض يفتك بصاحبه، ويدمر حياته وعلاقاته مع الآخرين لذلك يجب أن نتخلص منه أسرع ما يمكن.


إن التركيز على الحاضر هو كل ما لدينا، لا تفكر في أنك تستطيع إيقاف حياتك في انتظار عيش حياة سليمة؛ فلن تصادف ما يجعل الحياة عذبة جداً؛ إن الحاضر هو الزمن الوحيد المتيسر لكي نعيشه، فقم بكل ما يلزم لجعل الحاضر أكثر قيمة، لا ضمان أننا نعيش لوقت طويل، فالوقت الحاضر هو اختيارنا لنسمو فيه، فلنقم به الآن، وإلا فإننا لن نقوم به أبداً. * من كتاب (أسرار الحياة الطيبة) مهدي الموسوي.


ويمكن علاج الخوف والقلق من المستقبل في الآتي:

مواجهة المخاوف وتحديد أسبابها.

تطبيق تقنيات الاسترخاء، وذلك للمساعدة على الوصول إلى الأفكار الداخلية الخاصة بك، مما يخفِّف من حالة الخوف لديك.

استبدال الأفكار السلبية التي تثير مشاعر الخوف والقلق بأفكارٍ أكثر إيجابية.

التركيز على اللحظة الحالية والحاضر الذي تعيشه، فعندما يعيش الفرد يومه سيحدِّد درجة جودة مستقبله، وذلك باختصار لأن المستقبل امتدادٌ للحاضر.

وضع أهداف واضحة لحياة الفرد تكون قابلة للقياس ومحدَّدة وواضحة، وقابلة للتحقُّق أيضًا؛ لأنها مرهونة بوقت معين لن يَجِدَ الفردُ وقتًا للتفكير فيه.

 

واعلم أن التوكُّلَ على اللهَّ حقّ التوكُّل، وحسن الظن به، كفيلان بالقضاء على الخوف من المستقبل وغيره؛ وذلك لقوله تعالى: «وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ».

أخيراً وببساطة: اتخذ قراراً بالرضا عن القدر مهما كان وهيئ نفسك للرحيل، للفقد وغيرها من معاني العدمية والفناء فالحياة لا تدوم على حال مهما كانت.


Join