هل نتقن فن الفرح؟
عثمان الأنصاري
نمر جميعاً بلحظات فرح يعدها البعض عابرة ولا يحسب لها قدرها! فتمر عليه مرور الكرام، ظناً منه أن الفرح لا يتأتى إلا بتحقيق مكاسب معينة رسمها في مخيلته واقتنع من داخله ألا فرح دونها.
إننا بهذا التعاطي مع الفرح نقتل شعور الفرح باللحظات القليلة والبسيطة والتي تعد ركيزة أساسية لأيام من الفرح وربما باقي حياتنا، إن استشعار الفرح وإعطائه حقه يؤدي بنا إلا السعادة وتعزيز التفاؤل المستمر مع ما يعترينا من كدر الحياة ومشقاتها.
حاول عزيزي القارئ ألا تؤجل لحظات الفرح فالفرح لا يتجزأ ولا يؤجل، لا تقتل الفرح بكتمانه أو تأجيله لا تنتظر تحقيق غاية هي في علم الغيب لتفرح! وقد ينتج عن عدم تحقيقها نوعاً من الانكسار النفسي وانعدام الثقة مستقبلاً.
اجعل من الفرح نافذة لا حدود لها نحو تحقيق ما تصبو إليه ورسم الإيجابية لمن هم حولك، وكن مصدر فرح لغيرك حتى في أحلك الظروف والمواقف.
هل يمكنك أن تحدد متى كانت أخر مرة شعرت فيها بلذة الفـرح؟
عالمنا اليوم مجبول على كدر العيش والمشقة والصعوبات في كافة شؤونه، ما يحتم علينا أن نعيش لحظات الفرح بكل تفاصيله دون المساس بمشاعر وحريات الآخرين.
أن تفرح لا يعني ألا تهتم بشؤونك الخاصة أو شؤون عائلتك وأسرتك ومجتمعك والاهتمام بدورك الاجتماعي والإنساني تجاه القضايا التي تمسهم.
أن نفرح لا يعني أن نعيب الآخرين ومن حالت ظروفهم دون الفرح لحظة شعورك به، ولا يعني ألا تهتم لأمر أخيك والسؤال عنه وعن حاله وما يمر به.
الفرح صفة كمال ولهذا يوصف الرب تعالى بأعلى أنواعه وأكملها
كفرحه بتوبة عبده التائب
ابن القيم رحمه الله
شارك لحظات الفرح مع محيطك، كما تشاركهم لحظات الحزن عند فقد أحدهم أو لعلة أصابته، فتلك لحظة سرور وهذه لحظة انكسار تتعامل معها النفس البشرية على قدر من الاهتمام والتأثر، ومثلما يتأثر القلب بالفقد والعلة ما يترك أثراُ قد لا يزول لأعوام؛ يتأثر أيضاً بالفرح ويعتاده.
افرح بالصباح والمساء، افرح بكوب القهوة والشاي، افرح بالكتاب الذي بين يديك، افرح بما تشاهد ويضفي عليك نوعاً من السرور ويرسم الابتسامة على محياك، افرح بعائلتك وأقاربك وأصدقائك، افرح بمساعدة غيرك ولو باليسير.
لا تعتقد أن الفرح يخص فئة معينة كالصغار مثلاُ، فالجميع حُق له أن يفرح لكن حال دون فرحه شيء!
تعلم فن الفرح ومظاهره واصدع به، تدرب على الفـرح من خلال فرحك بأبسط الأمور.
يقول الروائي البريطاني سومرست موم: من أكبر أخطائي أني كنت أمر على لحظات الفرح مروراً عابراً، وأعيش الحزن بكل مشاعري!
أخيراً:
كن سفير فرح لكل من تلقاه فصناعة الفرح فن لا يتقنه الجميع.