انني أعلم جيدًا أن على هذه الأرض بشرٌ تجاوز عددهم السبعة بلايين
مما ينفي منطق ادعاء الوحدة…ادعاء الألم
لكنها نفسي
نفسي اللي تجبرني على الانعزال والسقوط في بحرٍ من الظلام وجد لي.
ليس بحرًا بل قاعُ بئرٍ أسقطُ فيه منذ أعوامٍ ولم أرتطم بعد!
لكن دفع الهواء لي يؤذيني!
وصوت صراخي حين يرتطم بجدران البئر ويعود لي يؤذيني!
أشعر به كسكين تخترق أذني تؤذيني!
وحنجرتي اللي تصرخ خوفًا ورعبًا تؤذيني!
وقلبي الذي لم يتوقف عن التسارع بالنبض يؤذيني!
فألوذ بي وأصمت!
حبًا لي وشفقةً على الاخرين
لا أرغب أن يرى الاخرون حجم دائي
لأنها نفسي
إنها نفسي اضطراباتي خساراتي حرائقي آلامي
إنها نفسي أفراحي مكاسبي انتصاراتي
وأخشى أن يقف الأحباب على رأس البئر يحاولون إنقاذي
وأتمادى بالسقوط فيسقطون
أو يشعرون بالتقصير حين يسمعون صوت ارتطامي معلنًا صوت النهاية!
وأخشى كذلك على نفسي مني على تلك الصورة اللامعة التي صنعتها يومًا لنفسي
فعجزت عن الوصول لها وبقيتُ في انتظاري
أخشى أن تعلم حقيقة سقوطي فتشعر بالخذلان
وأخشى على الجميع..كل الذين قابلتهم
كل الأصدقاء…كل الأحبة..كل العابرين
أخشى أن يعلمون فُيثقلون بالمصابِ الجلل!
لذلك احتفظ بنفسي لنفسي
لا لوم ولا ضغينة
لا أحباب ولا أعداء
أعيش كخيال مآتة لا يُؤذي ولا يُؤذى يقف في مكانه فقط
يقف ويدعو الله أن تتحول قطع القش في جوفه إلى أجنحة تطيرُ به للأعلى
ليمسك روحه ويعيدها لجسده فيرُدد الجميع قصة المعجزة..
خيال مآتة يتحول لإنسان مفعم بالحياة
تحبه الطيور
ولا تخشاه الحيوانات الأخرى
ويبدو مشرق
مشرقٌ جدًا
يحفُهُ الأحباب والأصحاب
ولديه حضن دافئ
يحتضن ويُحتضَن
وتُسطَّرُ القصة لأجيال..
عن خيال مآتةٍ تجاوز الفصول المائة في هذه الحياة ولم يقسط!
نعم مئة فصل ليس من باب المبالغة
وإنما من هول مارأى!
لكنه استيقظ..
وتكتب الأساطير عنه أنه صارَّ منبعًا للحياة ليس لذاته فقط
بل أنه يحيي كل مايمُر به فتغدو الأراضي حوله خضراء يانعة
والأرواح بصحبته تغدو هانئةً مشرقة!
فيكون بخير
والعالم بخير
فلندعو
فلندعو جميعًا أن يرأف الله بحال هذا المآتة ويحييه قريبًا
لنتباشر به ونحيا
وتحيا نفسي
نفسي التي احتفظت بها بعيدًا عن العالمين…