بعد منتصف الذكرى - ليلًا
نحن الذين نحيا بتوقيت الذاكرة
إلى صديقي الغائب،
ذاك الذي تلاشى بين ليلة وضحاها من أمامي،
كقطرة ماء سقطت على أرضٍ جدباء فتغللت سريعًا دون أن تشعر!
تنظر للأسفل وأنت متيقن أن هناك قطرة ماء قد سقطت لكن لا أثر يُرى!
تمامًا كلمحة البصر تلك تلاشيت من أمامي
وها أنا أصارع ألم غيابك دون قدرةٍ على التحكم به
بل هو من يفعل!
يتنوع الألم بين شوقٍ وحزن وفقد،
يتراوح الشعور بها حسب الموقف واللحظة!
والويلُ إن تزامنت! يا للألم!
ومضت الأيام بل السنين ومازلت أنتظر ذاك المدعو بالنسيان ولم أره؟
متى يأتي للفاقدين؟
هل يحمل مواعيد زيارةٍ لكل الفاقدين على هذه الأرض؟ يتنقل مابينهم!
لعل هذا مايُعلل تأخيره حتى الان، أربعة سنواتٍ ولم أره حتى الان؟
لا أعلم إن كنت تشعر بذلك لكنك لا تتحرك من ذهني مطلقًا!
أفكر بك في كل حين والغريب أنني حتى وإن اشتد الحزن لا أبكي!
أتقلب في الفراش كل ليلة وأنت بين ناظريّ
حديثك، تفاصيل ملامحك، مواقفك النبيلة، حتى تلك اللئيمة نوعًا ما ولست بلئيم والله!
لا أبكي رغم أن الأرقُ لا يفارقني
هل تعلم متى حقًا أبكي؟
إنني أنهمر في كل المواقف السعيدة
في كل تلك المواقف التي تعالت فيها ضحكات الجميع حولي
في كل التفاصيل التي شاركني بها الجميع أو شاركت بها الآخرين
في كل تلك المناسبات السعيدة التي تحدث لي!
في كل الليالي التي اجتمع بها الأحبة وتبادلنا السهر
وهناك بكيت! بكيتُ دون توقف لأن فقدك قد تراءى واضحًا
وجودك الذي كان يغمرني، همساتك، أمانك وهذا الشعور المرتبط بك!
هنا فقط أبكي،
لم أتعلم بعد كيف أبكيك في الحُزن لربما لأنني لم أشعر به يومًا معك!
لطالما كنت في تفاصيل الفرح والراحة والسعة!
ولطالما كانت ابتسامتك هنا في جميع المواقف وكل مايحدث!
حتى تلك الليالي التي ظننت أنني لن أنجو منها لم تبكي ولم تُردد أنك خائف مما سيحدث لي! لكنك دونًا عن ذلك همست لي: وفاء فليحدث بهذا العالم مايحدث المهم أن تكوني بخير وأن تشعري بسعادةٍ غامرة! دعينا لا نفكر بشيءٍ آخر!
هل تعي الآن لما أبكيك في ساعات الفرح فقط؟
أنت لا تتمثل إلا به!
والأمر الآخر الذي أعانيه الان ولا أعلم حقًا إن كان في الأمر نوعًا من المعاناة حقًا! لا أعلم
لكنني سأخبرك:
إنني الان أشعر بالاكتفاء التام بك حتى بعد فقدك! لا أرمي نفسي في متاهات علاقاتٍ أخرى ومشاعر أخرى، أنا توقفت عندك!
حتى بعد فقدك!
وهذا لا يعني أنني لا أملك أصدقاءً رائعين الان! إنهم هنا يزينون الأيام والليالي حولي!
لكنك تقف في داخلي كخط دفاعٍ عن الشعور!
لا أعلم إن كان اكتفاءً حقًا أو أنني أريد إبقاء هذا الشعور بداخلي ماحييت وأخشى فقده!
أو أنني ودون وعيٍ مني أخشى أن يدخل في روحي شخصٌ آخر فيرى حجم الفقد وهوة الألم التي تنخر بداخلي فيتألم أو ربما يخافُ فيرحل!
أو أخشى حقًا أن أفقد شخصًا آخر!
وأعود للألم!
وكل الاحتمالات مؤلمة!
لكنها تحدث حقًا وأعيشها طيلة الأربع سنوات الماضية وستستمر!
كنتَ المثال الحقيقي للصديق الذي يكون على هيئة الأمان والطمأنينة، يُغنيك عن العالمين حُبًا.
شخصًا يعجز كل من يملك مهارة الوصف أن يصفه!
كنتَ صديقي وحبيبي وأخي، ضحكاتي وسعادتي
كنتَ خططي وآمالي وأمانيّي
كنتَ شريك المحاولات والسهر والسعي الحثيث للوصول
رفيق الدرب والدراسة
رفيق الحياة، ولا حياة بعدك.
لروحك السلام حيثُ حلّت.
هذه التدوينة كُتبت في خضم الشعور بالسعادة!