المتواري خلفَ قشَة
غارقٌ بنفسه
منهك من محاولات النجاة والتجديف المتواصل!
ظهره منحني
وكتفاه ذابلة!
نعم بهذا الوصف كتفاه ذابلة! تراها منحنية متهدلة لا يقوى على رفعها كغصنٍ رقيق ذابل! لكنه لم يجف بعد! على وشك الجفاف لكنه يناظل!
وجههُ لا يحمل كثيرًا من التفاصيل
وجهٌ بسيط إن صح التعبير!
لا يستوقفك ألمٌ بادي عليه ولا تجد ابتسامة تلفت انتباهك كذلك!
يحاول أن يبدو طبيعيًا يتمنى أن لا يلحظ أحد حجم غرقه!
ورغم البلَل الذي يكسو جسده وملابسه هو يضع على رأسه قبعةً جافة!
مُتأملًا أن تشغل عينا الناظر ولا يرى ضعفه!
كمن يتواري خلف قشَّه! ضاربًا بكل قواعد الحساب والأحجام عرض الحائط
يتشبت بأملٍ لا وجود له! لكنه يحاول
وفي هذا مايجعل في نفسه بصيص أمل!
يكمل طريقه دومًا يمارس الحياة على نحو طبيعي يرضاه العالم!
فهو يعمل بشكل دؤوب لا يتواني عن صنع قوت يومه
يراهُ العالم بشكل يومي خارجًا من منزله المتهالك ثيابه غرقى حتى أنك تعلم مسار قدماه من قطرات الماء التي يتركها خلفه!
ولا يساعده جو مدينته المعتدل دومًا!
فرغم يأسه وبؤسه كان يتمنى أن تكون الشمس يومًا حارقة فتقتل البلل في جسده وثيابه وطريقه!
لكنها لم تفعل يومًا!
الغريب أن سكان مدينته قد عُميت أعينهم عن بلله!
لم يسأله أحد يومًا مابك؟
أو من أين كل هذا الماء ماذا يحدث معك؟
يمر بدكانه العالم أجمع ولايرون سوى قبعته!
لا يرون سوى مايُريد أن تلتقطه عيناهم!
لم يلحظه سوى غريبٍ مر ببابه يومًا
آلمه حاله وهزهُ حجم معاناته!
وتمنى أن يقف بجانبه لكن ملامح ذاك الإنسانِ المتعب كانت غريبة!
كأنهُ لا يشعر بشيء قط! وكل مايحدث أمرٌ طبيعي!
لكنهُ متعب!
مُتعب حد أنك تستطيع تقدير حجم تعبه دون أن ينطق بحرف واحد!
وأظنه لم ينطق قط!
رحل الغريب وحين حل بداره قال لزوجه لقد رأيت اليوم من يمكن القول عنه:
لا تسَل عن سلامته…روحه فوق راحته
بدلته همومهُ…كفنًا من وسادته.