الأجندة المنظمة، ضرورة مشوهة!
ابتدأت السنة الميلادية الجديدة و ابتدأ معها أحد أهم الطقوس السنوية الذي هو التخطيط للأهداف: سنوية، شهرية، اسبوعية، يومية، بطريقة سمارت و بالطريقة الربعية و القائمة تطول. الآن تأتي الخطوة الأهم، أين سأكتب أهدافي الأساسية منها و الفرعية؟
اعتدت لسنوات طويلة أن استخدم المفكرة الجلدية السميكة التي كان يأتي بها والدي من مقر عمله، كانت بسيطة في تصميمها، ذات أوراقه صقيلة، كريمية و أطراف حادة. لدي الآن مجموعة كبيرة من تلك الأجندة شاهدة على سنواتي السابقة و بوحي و اختلاجاتي.
في السنوات القليلة الماضية، برع عدد كبير من المصممين الجرافيكيين في تصميم أجندة و تقاويم و دفاتر مذكرات، فتشجعت و ابتعت عدة مفكرات، بالرغم من ارتفاع سعرها لكن اغرتني مسمياتها و العبارات التحفيزية التي طبعت عليها.
عندما فتحت المفكرة الأولى وجدتها تحتوي على جداول عدة و عناوين مختلفة و عبارات تناثرت في رأس الصفحة و في كعبها. باديء ذي بدأ، قمت بتدوين المطلوب في كل خانة حسب المذكور، فهنا مطلوب مني أن أدون مهام الأسبوع و في الصفحة المقابلة جدول الرياضة و أسفل منه جدول الوجبات و بعد عدة صفحات يطلب منك مراجعة أهداف الشهر، تقييم السلوكيات، كتابة ما يحتاج إلى تحسين و العديد من المتطلبات التى تحتاج وقتا إضافيا لمتابعتها.
تحول الموضوع إلى عبء! هؤلاء المصممين و المصممات قرروا قولبة كل ما تعلموه في مدرسة التصميم فوق هذه الكتيبات المسكينة..!
هدف بدون تخطيط، لا يعدو كونه رغبة!
الاقتباس الذي دونته فوق هذا المقطع حقيقي و ملموس، لكن ليس على أوراق تقيدك و تسطر لك ماذا تكتب تحديدا و كيف و كم رقما يفترض أن تضع! هذا كثير جدا بالنسبة لعقل طري يودع عاما و يستقبل آخر متأرجحا بين ما تمكن من إنجازه و ما عجز عن تحقيقه، بين حبور الوصول و خيبة النكوص، ثم تأتي هذه الأجندة ذات اللوغاريتمات المعقدة لتنفخ كومة التشابكات و تجعل تفكيكها و تبسيطها أمرا يهرب منه الشخص فرار المجذوم من الأسد.
غني عن الذكر أنني عدت إلى مفكرات والدي الجلدية التي لاتحمل في طياتها سوى تواريخ للأيام كتبت بحبر مذهب و خريطة أطلسية للعالم و التي كبرت و أنا أتأملها و أضع علامات فوق المدن التى أحلم بزيارتها، و قد تحقق لي زيارة بعضها بعد عشرين سنة من نقرة قلم التحديد فوقها.