هل نقرأ الكتب من الجلدة للجلدة؟
العلم علمان منبوذ ومكتســب
والبحر بحران مركوب ومرهوب
…
…
فاسَمعْ بقلبك ما يأتيك عن ثقـــةٍ
وانظرْ بفهمك فالتمييز موهــوب
الحلاج
أسئلة الدماغ والصِياح لقراءة أفضل
إن كنت خريجًا جامعيًا، وخلال سنواتك الدراسية التي لا تقل عن ١٦ سنة تقريبًا، كم مرّة سمعَ الجيران "صياحك" وأنتَ تتذمّر من معلوماتٍ قرأتها ولا تعرفُ أهمية قراءتها...فقط لأنه مطلوبٌ منك أن تدرس المنهج الدراسي من الجلدة للجلدة؟ أزعم بأنك نسيت ما درسته فور خروجك من الاختبار…صحيح؟
قد تكون نظرتك قاصرة أحيانًا فلا ترى أهمية المعلومات بينما هي مهمة فعلاً، لكن... هل كلّ كتابٍ يجب أن يُقرأ من الجلدة للجلدة فعلا؟
أثناء تصفّحك لـ"تويتر"، لا شك بأنك قرأت بعض المعلومات السريعة، ووضعت علامة مرجعية على بعضها الآخر لقراءتها في وقتٍ لاحق، وعلى رأي أحبتنا المصريين: "ابقى قابلني" لو رجعت إليها وقرأتها. قد تكون هذه العادة نتيجة شعورٍ عميقٍ يخوّفك من أن تفوتك معلومة قد تغيّر مجرى حياتك للأفضل. هذا الخوف هو في الكثير من الأحيان نتيجة للـ "فومو FOMO" أو "الخوف من التفويت"، وهو ما يفسّر أيضًا خوفنا من التوقف عن قراءة كتاب ممل أو كتابٍ لا يلبي دوافعنا الحالية للقراءة، فنكمله لآخر “جلدة”.
هل من المفترض أن تستمرّ معنا عادة قراءة الكتاب كاملًا حتى في قراءتنا الشخصية ضمن أوقات الفراغ؟
أي مؤَلَّفٍ هو نتاج فِكر كاتبه؛ يملي هذا الفِكر على صاحبه بأي ترتيبٍ يصوغ أفكاره. فعندما نقرأ كتابًا، يكون هذا الكتابُ مرتبًا حسبما يقرّر مؤلفه، لا حسبَ حاجتنا من الكتِاب، أو حسب الأسئلة التي تردُ أذهاننا أثناء القراءة.
ليس بالضرورة أن يجيب المؤلف عن جميع أسئلتنا، فقد يكون غرضك من قراءة هذه التدوينة مثلًا أن تطّلع على رأيي في الموضوع المطروح، بينما يرغب آخر بتفحّص أسلوب كتابتي، وثالثٌ يرغب بمعرفة معنى الخوف من التفويت. كلّ شخصٍ له دوافعه، والقراءة من الجِلدة للجلدة – أو من البداية للنهاية – ليس بالضرورة أن يكون السبيل الأمثل لتلبية تلك الدوافع.
كيف نقرأ إذًا؟
الإجابة المختصرة: عبر القراءة البحثية، أي عبرَ ما يمليه عليك عقلك من أسئلة.
لماذا هذه الطريقة بالذات؟
لأنها تلبّي دوافع القراءة لديك بشكل أكبر، كما أنها تبني روابطا "عاطفية" بينك وبين ما تقرأ.
حاضر، حاضر... دعني أشرح لك وجهة نظري:
بالعودة إلى مثال "تويتر"، ففي كثير من الأحيان ننسى ما قرأناه بعد دقيقة من قراءتنا للتغريدة أو لسلسة التغريدات. مواضيع هذه التغريدات ظهرت أمامنا دون قصدٍ منّا، فنحن لم نبحث عنها، بل نقرأ ما يطرحه المغرّدون من آراء بترتيبٍ عشوائي للمواضيع الظاهرة أمامنا. أعزو سبب ذلك النسيان إلى عدم وجود دافع أو هدف مسبق من قراءة ذلك الموضوع بالذات، أي أنها قراءة بدون سبب واضح.