أهي الظالمة أم أنا؟
هذا النص مستوحى من فيلم “Marriage Story” لكن لا علاقة له بأحداث الفيلم، ولا بأحداثٍ حقيقية لأي إنسان بعينه.
آه
مثل هذه المعارك النفسية لا يُعرف كيف تُبدأ إلا بالتأوّه…
أصعبُ ما قد يمرّ على الإنسان أن يحاول تصنيف نفسه: أظالمٌ أم مظلوم؟
تتجسدُ هذه المسألة الصعبة عند الانفصال: أكنتُ المخطئ في العلاقة أم كانت هي؟ أم نحن؟
كيف لا يكون صعبًا عندما يكون عليّ الاختيار بين أن أكون “أنا” الحقيقي مظلوم، فأصنفها هي على أنها الظالمة بعد أن كنت أعتبر ذاتينا بمثابة “أنا”.
ربما كانت تلك هي مشكلتنا…
أني أردتها الجزء الذي يكمّل الـ”أنا” الخاصة بي، فلم تنظر لها عيناي سوى كقطعة اكسسوار تكمّل نقصي وتمسح عيوبي، لكنني أعود مباشرةً إلى القناعة بأنها هي من ظلمت وتجبرت… فقد أخذتها عزتها بالإثم وجمعتنا في “أنا” واحدة… لطالما عبرت عن رغبتها في تملّكي!
لا ظالم ولا مظلوم إذن.
ربما كانت تلك هي مشكلتنا…
أني كنت أعطيها ما تسأل، وأمنحها فوق طاقتي، وعندما أطلب منها القليل… كانت ترمقني بنظرة عابسة تغيّر المزاج بالكلية. لطالما شعرتُ أنها لا تفهمني… فإن طلبتُ منها مباشرةً رفضت وتجبّرت، وإن استملتها إلى ما أريد وصفت فِعلتي بالخداع الذي كنت أراه تلطفًا بالسؤال!
كنت لأعتبرها ظالمةً متجبرةً إذن، لكن الحق يقال: كان تفهمها لرغباتي وتفضيلاتي في الملبس والطعام وغيرها يفاجئني من دقته التي فشل كل قريب وغريب في فهمها.
لا ظالم ولا مظلوم إذن.
ربما كانت تلك هي مشكلتنا…
أنني ألجأ إليها في موضع الضعف لأتقوى بها، لكنها تعبّر باستمرار عن مللها من شكواي المتكررة! لطالما أرادت هي أن أفتح قلبي إليها.. وعندما فعلت… لامتني! ألم أكن دومًا أستمع لشكواها المملة من كل شيء وكل أحدٍ بلا كلل أو ملل؟ لكنها لم تعد تشكو مؤخرًا… كانت وكأنها وجدت من الناس من تشكو إليه… غيري.
وبهذا أعفتني من تحمّل شكواها رغم أني أحب قُربنا الذي تزيده المصائب.
لا ظالم ولا مظلوم إذن.
ربما كانت تلك هي مشكلتنا…
أننا دوّنّا كلّ غلطة… كل هفوة… كلّ تكدّر مزاج انفجرَ به أحدنا على الآخر. لقد تعاملنا كما لو كنّا في ساحة قصاص: لقد أغضبتني خمسة مرات هذا الأسبوع، وعليهِ فمن حقي أن أغضبها خمسة مرات بالمثل!
من بدأ هذه العادة؟ أهي أم أنا؟ هل الإجابة مهمة حقًا؟
لا ظالم ولا مظلوم إذن.
لقد صرَخنا صراخًا مدويًا تجاه بعضنا، ورغم كل تلك المآسي… لا يرى أحدنا الآخر كشيطان!
نحنُ أناسٌ أخيار….لم نجد طريقةً لنتفاهم فحسب.
آمل أن تحظى هي بحياةٍ سعيدة.
عَبْدالرَّحمَن ~