مذكّرات: جنّة العلاقات
١٣/٩/٢٠١٩
كما توحي هذه الصورة التي التقطتها في لحظة سلام عظيمة:
هذه الأرض جنّة!
لكن... هل يمكن أن تكون الجنة قاحلة؟!
مادامَ الإنسانُ اجتماعيًا بطبعه كما قال “ابن خلدون”، فلابد له أن يختلط بالناس، وما دام الناس مختلفين في طباعهم ... فلن يعيش الإنسان سلامَ هذه الجنة إلا عندما يشاركه الناس الرغبة في هذا السلام.
مشاركة السلام تكون بتواجدهم أولًا:
يقول المثل الشعبي:
الجنة من غير ناس ما تنداس
وتكون ثانيًا بحُسن التواجد:
وقد أكرمني الله في هذه الغربة بأصدقاء ينتزعونني من ضغطها النفسي وعائلةً تحبّني كيفما كنت. اختيار الأصدقاء إذًا أمر مهم.
وتكون ثالثًا بالتماس الأعذار والتخفف من العتاب حدّ الانعدام:
فمن المأثور فيما معناه:
“التمس لأخيك سبعين عذرًا”، وبعد ذلك تذكر “لعل له عذرًا لا تعرفه!”
للإنسانِ همومه التي لا تعد ولا تحصى في هذا العصر الذي يحده الضغط النفسي من كل حدب وصوب... لا ينقصه إذًا أن تكون بيئته من الأصدقاء والمقربين مشحونة بالعتاب الدائم... وكما قال البعض: العتاب الدائم نوع من الابتزاز العاطفي الذي لا يقل شأنًا عن أنواع الابتزاز الأخرى.
جرّبتُ في هذه الدنيا أن أَعتب وأن يعتب عليّ، واكتشفتُ أنّ عتبك على غيرك قد يكون أثقل على النفس من عتب الناس عليك! الأجدى والأحرى بالنفس إذًا أن تتخطاه قدر المستطاع لمصلحتها قبل مصلحة غيرها!
وتكون رابعًا بالرحيل في الوقت المناسب:
أتذكر من أستاذي “د. أنمار مطاوع” درسه الدائم: "تعلّم متى ترحل" أو أستاذتنا “د.إلسا” من فيلم فروزن: "لِت إتْ قُو".
إن كانت علاقات النفس بأولائك الناس مسمومة بالعتاب والغضب الدائم رغم محاولات الإصلاح المستمرة، فالسلام الذي تمنحه الجنة لك قد يتلاشى، وقد يكون من الأحرى أن ترحل عنهم ويرحلوا عنك مادام السلام يرحل كلمّا اجتمعتم.
هل يمكن أن تكون الجنة قاحلة إذًا؟
الجنة لا تعني الأرض الخضراء فحسب…
يقول عليه الصلاة والسلام:
"من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا"
وهذا ما أعنيه بالجنة... فما دمت تملك هذه المقومات فأنت تعيش فيها.
أما إن كانت قاحلة فانظر في بيئتك المقربة: هل من يعيشون معك يحسنون العشرة والجوار؟
الحمدلله الذي سخّر لي ولكم الأصدقاء الطيبين، والرفقاء السعداء. #نعمة_تُشكر
عَبدالرَّحْمَن ~