التطعيم في القرن الواحد والعشرين

د. ثريا أحمد رمبو


كان يوماً معتاداً آخر في مركز الرعاية الصحية الأولية حيث أعمل. دخلت السيدة إلى غرفة الكشف ترافقها والدتها المسنة، فما كان مني إلا أن ابتسمت لهما بترحاب وأنا أتبادل التحية معهما بحكم معرفة وثيقة نتيجة متابعتي لحالة الوالدة التي تراجعني باستمرار.


فجأة سألتني الابنة بصوت ملئه الحيرة والشك (دكتورة ممكن أسألك سؤال؟) أجبتها موافقة (طبعاً عزيزتي تفضلي) بينما أنا أقيس الضغط لوالدتها. فاستطردت أنها وخلال اطلاعها على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة بخصوص التطعيمات قرأت الكثير وبدت في حيرة من أمرها حتى سألتني، ما الفائدة من التطعيمات؟ وهل هي آمنة فعلاً؟ وبدا أنها تُشكك في جدواها ومتخوفة منها، من حسن الحظ أن والدتها آخر مريضة لدي مما تسنى لي متسعاً من الوقت للنقاش.

فذكرت لها أنه قبل قرنين من الزمن كان نصف الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم الخامسة يموتون بسبب انتشار الأمراض المعدية حتى بدايات القرن التاسع عشر؛ مما أدى لسعي الأطباء والعلماء للبحث عن طريقة للوقاية من الأمراض المعدية على أن تكون آمنة وفي متناول الجميع، ومن هنا أُكتشفت اللقاحات والتي مرت بتغييرات طبية وتكنولوجية خلال 200 سنة أدت إلى انخفاض كبير لأعداد الإصابات وإنقاذ الملايين من البشر، وإعطاء المواليد فرصة للنمو بصحة جيدة وتحسين فرصة الحياة لديهم.

اللقاحات لا تحمي الأفراد فحسب؛ بل المجتمعات بأكملها.

د. ثريا أحمد رمبو

حيث تساعد اللقاحات على القضاء على الأمراض المعدية التي كانت شائعة في الماضي، أو التي تسبب مضاعفات شديدة مما يساهم في خفض معدلات الوفيات، كما تقي من الإصابة بالأمراض المعدية، وتمنع تطور مقاومة المضادات الحيوية من خلال التقليل من استخدامها، بالإضافة إلى أهميتها الاقتصادية التي تكمن في توفير تكاليف علاج الأمراض قبل الإصابة بها وذلك من خلال الوقاية وأخذ التطعيمات. 

Join