قصة من الاتصال في وقت الأزمات
أ. هبه قاضي
فعلاً ليس من سمع أو قرأ كمن جرب وعاش الموقف. فكثيراً منا يقرأ في تخصصه الكتب والمقالات والنشرات بهدف التطوير والتحسين والأهم المواكبة. وكم من مرة قرأنا عن الأزمات ودور الإعلام والاتصال المؤسسي فيها، ثم وجدنا أنفسنا نتعامل مع أزمة أو مشكلة ونعتقد أننا أصبحنا الآن ذوو خبرة ومؤهلين للتعامل مع المزيد باحترافية أكبر وخبرة أفضل. لكن مواجهة جائحة عالمية كجائحة كورونا جعلتني وزملائي من العاملين في قطاع الاتصال المؤسسي وخاصة القطاع الصحي ندرك أننا مقبلون على شيء مختلف تماماً، جديداً تماماً والأهم أنه قادم بدون كتيب إرشادات يخبرنا كيف نتعامل معه!
لم تكن تجربتنا في الاتصال المؤسسي في التجمع الصحي بمكة مثالية بقدر ما كانت فعالة وعملية وسريعة. نعم تلك العوامل الثلاث ساعدتنا على التعامل مع الأزمة في زمن قياسي وبأكبر قدر ممكن من الأثر، لتمكننا من القيام بواجبنا في الدعم والتوجيه لصفوفنا وكوادرنا الداخلية، وأيضاً في توعية المجتمع. البداية كانت من مصدر الاقتداء والإرشاد وهو وزارة الصحة التي حددت أسلوب التواصل الهادئ، المعتمد على تكثيف المعلومات وعرض المستجدات بطريقة عملية، وأيضاً تكثيف التوعية والإرشاد بطرق مبتكرة وأفكار جديدة للوصول لأكبر قدر ممكن من الناس. وبناءً على تلك الخطوط العريضة قمنا ببناء خطتنا التي بدأت بحملة دعم اسمها (أبطال صحة مكة) ركزنا فيها جل مجهودنا على دعم كوادرنا الذين يواجهون الأزمة بكل تفان وإخلاص من خلال عرض مجهوداتهم ورفع معنوياتهم، والتركيز على توثيق المرحلة ورفع مستوى الوعي والذي بالتالي صاغ وصنع صوت المرحلة والبيئة المعنوية التي يتم التعامل بها معها لتعزز الاستمرار والثبات، وتدحض الخوف والشك.
نعم الإعلام هو سيد مستأثر على عرش التأثير العالمي. فهو يصنع الواقع الذي نعيشه، يصيغ الرسائل التي تصل إلينا، ويحرك رقعة التأثير والتركيز بداية من الأخبار والنشرات التلفزيونية، وانتهاء بمحتوى قنوات التواصل الاجتماعي وتطبيقات التواصل الحديثة. وذلك يجعل مسؤوليتنا كمسؤولي اتصال وإعلام في قطاعات مؤسسية، مسؤولية مضاعفة، تلقي علينا بأمانة ثقيلة تستلزم منا أن نروض الإعلام ليكون خادماً وليس سيداً، مؤثراً وليس تقليدياً، تقادمياً وليس مكرراً. وأن يكون العاملون فيه قادة ذوو فكر متطلع، قاصون بارعون لبطولات تسطر نماء الأوطان وصحة الإنسان.