كل ما تريد معرفته
عن تناول الاطعمة الموسمية
و المنتجات المحلية
في كل زيارة لحلقة الخضار استرجع الكثير من الذكريات العزيزة والتي تنتعش مع رائحة الفواكه، تلك اللحظات التي اراقب فيها والدي من النافذة وهو يفرغ صناديق الفاكهة من سيارة الكريسيدا بوكس، والتي اتناولها لاحقا بمتعة اثناء مشاهدة الرسوم المتحركة، والمحاولات اليائسة من جدي رحمه الله لدفعي لتناول الجوافة برائحتها النفاذة، هذه الطقوس الاسبوعية لزيارة حلقة الخضار او سوق السمك، غرست بداخلي حب زيارة المزارع وسوق السمك للفرجة والشراء، وهي اول معرفتي بمتعة تناول الاغذية الموسمية.
تجربتي بدأت بالتأكيد مع اسرتي لكن التزامي بها بشكل مستقل وكامل تم بدون قصد عندما سكنت في القصيم لمدة عام، كانت صاحبة العقار لديها مزرعة ومن لطفها انها كانت تهدينا كل اسبوع تقريبا صندوق يتضمن منتجات متنوعة من مزرعتها بما في ذلك الالبان والبيض وبعض انواع الفواكه والتمور والتي تتلقاها من مزارع بمدن اخرى، حقيقة ادين لها بالفضل في حبي للخضروات بالتحديد، لقد استمتعت بتناول البامية و الكرافس لأول مرة واحببت الكوسا و القرنبيط بعدما كنت لا استسيغ تناولها خلال نشأتي، لقد تميزت منتجاتها بطعم لذيذ يميل للحلاوة والنكهة الغنية، واصبحت مزرعتها المصدر الاساسي لكل ما نرغب بشرائه من المنتجات الموسمية و المحلية الطازجة.
هذه العادة دفعت الجيران للمشاركة ايضا و لانهم من مناطق مختلفة كانت تصلني منتجات موسمية من مزارع صغيرة من الباحة والشرقية و الجوف اضافة الى سوريا ومصر و الهند وباكستان، فتعرفت على ارز الاحساء ورمان الباحة وخضروات جازان وبهارات الهند المتنوعة، لقد كانت اللغة المشتركة بيننا هي الطعام فنتبادل المنتجات والاطباق اكثر من تبادل الزيارات.
وعند عودتي لمدينة جدة افتقدت المذاق الطازج والرائحة الترابية المميزة للخضروات، حيث انتقلت من منتجات طازجة تصل الى باب المنزل ومن المزارع المحيطة، الى البحث عن المنتجات في السوبر ماركت مع جهلي بكيفية اختيار الخضار والفواكه وربطها بالموسم، خاصة مع توفر معظم الاغذية على مدار العام، عندها بدأت محاولاتي للتوفيق بين الانتاج الموسمي والمحلي بقدر الامكان، ومع الزيارات المتكررة لحلقة الخضار بمدينة جدة و ما يجاورها من مزارع الطائف ومكة تمكنت من تحقيق الهدف، لقد عرفت اين ابحث وماذا اشتري ومتى، وعُرف عني حبي لهذا النمط فلا ينقضي الشهر دون تلقى منتجات طازجة مختلفة كهدية من الاخوة والاصدقاء، واليكم ما عرفته لاحقا عن تناول الاطعمة الموسمية من الانتاج المحلي
حياتي مع هذا النمط
وقائمة بالمنتجات الموسمية والمحلية
ماذا يعني تناول الاطعمة الموسمية
يقصد بها تناول الطعام بحسب الموسم، و يمثل ابهى صورة من نمط الحياة الصحية، فهو يقوم اساسا على تناول الخضار والفواكه في موسمها، حيث تكون في ذروة غناها بالمواد النافعة و العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم بما يتوافق مع حالة المناخ،والمفهوم يشمل ايضا بعض المنتجات الحيوانية، ونمط الطعام الموسمي عرف منذ الحضارات القديمة والتي ادركت ان امزجتنا والبنية الجسدية تتغير احتياجاتها مع اختلاف المناخ فقامت بتسخير هذه العلاقة بين الجسد والارض بطريقة طبيعية وهو ما نشأ عليه اجدادنا واباءنا، لكن مع تطور تقنيات الزراعة و وسائل النقل وغيرها من التقنيات التجارية في مجال التغذية والطعام بات من الطبيعي ان نجد الفواكه والخضار متاحة على مدار العالم حتى في غير موسمها.
ماذا عن الاطعمة المحلية
يقصد بها الانتاج المحلي من المزروعات والاطعمة، ولا يوجد تعريف موحد عن معنى الاغذية المحلية لكن بالمجمل يقصد بها الاغذية التي تزرع او تنتج في منطقة قريبة بشكل معقول من المكان الذي نعيش فيه، وبالتالي نكون اكثر ادراكا لمصدر طعامنا وكيفية وصوله الينا، فنبدأ بمحيط المدينة التي نعيش فيها ثم تتسع الدائرة لتشمل المنتجات الوطنية أي التي تعد وتزرع بنفس حدود الدولة، ثم تتسع لتضم ما يجاورها من دول على الاقل تكون بنفس الاقليم او القارة، وهذا المفهوم يختلف بين كل مجتمع واخر بحسب وضع الانتاج المحلي والوضع الاقتصادي ايضا للمجتمع.
ماذا عن الاطعمة المستوردة
من المستحسن الاكتفاء بالمنتجات المحلية، لكن هذا لا يعني ابدا الامتناع عن تناول الاطعمة المستوردة، فهناك منتجات مفيدة ورائعة قد لا تتوفر محليا،كما ان بعض الدول انتاجها المحلي لا يغطي احتياجات السكان، و بالواقع مفهوم الاكل الموسمي يساعدنا في اختيار ما يناسبنا من الاطعمة المستوردة الموسمية.
لماذا يعد الامر مهم جدا ؟
لانه الوسيلة المثالية للحصول على افضل المنتجات الزراعية في الطعم والقيمة الغذائية وبكلفة مالية اقل، فهي ارخص لوفرة الانتاج في الموسم، ولعدم الحاجة الى تكاليف الشحن والتخزين، وسنلاحظ ان المنتجات التي تتواجد في غير موسمها تفتقد للطعم والمذاق الذي تتميز به، حيث يتم انتاجها في اوقات تفتقر فيه الارض الى التغذية الطبيعية من الامطار او المناخ المناسب لنمو المزروعات، فتكون الفواكه ليفية و جافة ونكهتها خفيفة، وفي حال تم انتاجها في محميات فان سعرها يرتفع نظرا لتكاليف التسميد وتنسيق درجات الحرارة للحصول على محصول جيد.
وهذا يفسر ايضا ارتفاع اسعار المنتجات المستوردة، فلابد من احتساب تكاليف الشحن والتخزين، والاخذ بعين الاعتبار الوقت المستغرق في الشحن ولهذا يتم الحصاد مبكرا حيث تكون الفاكهة دون مستوى النضج المثالي للقطف، مقارنة بالمنتجات المحلية والتي يتم قطفها بالتوقيت المناسب.
لكن النقطة المهمه هنا والتي تمسنا كافراد هي دعم الاقتصاد المحلي،فالشراء من المزارع المحلية يحافظ على التنمية المستدامة للزراعة في مجتمعنا، ويخلق المزيد من فرص العمل ويدفع المشاريع الصغيرة للنمو والازدهار ، ويشجع المزارعين على تحسين انتاجهم وزراعة المنتجات الاخرى التي يرغب فيها المستهلك،وتكون المجتمعات اكثر حيوية وارتباطا حيث تنشأ روابط تجمع بين المستهلك والمزارع ومنتجي المواد الغذائية فنعرف مصدر الطعام والعوامل المؤثرة على جودته وسبب تباين الاسعار.
ماذا استفدت منه شخصيا؟
اضافة الى كونه نمط غذائي صحي، ساعدني كثير في التخطيط الاسبوعي للوجبات والانتظام على تناول الخضار والفواكه وحفزني لتجربة انواع مختلفة منها ، دفعني لاكتشاف منتجات محلية وموسمية مثيرة للاهتمام،ابتكار وتعلم طرق جديدة في تحضير الطعام وتخزينه، كما اني لم اشعر بالملل او التكرار فكل موسم له مذاقه الخاص وتجاربه الممتعة، لقد نشأت علاقة حب لامتناهي بيني وبين الطعام المحضر في المنزل، وبالطبع كان التوفير المالي بمثابة الجائزة التي تتوج كل تلك الفوائد.
ما هي المواسم ؟
يطلق الموسم على وقت ظهور الشي واجتماعه، فنقول موسم المانجو ، موسم الخلاص، والعملية ترتبط بشكل وثيق بتغير الفصول الاربعة والتي ايضا تختلف عكسيا بين النصف الشمالي للكرة الارضية والنصف الجنوبي، فعندما يحصل نصف الكرة الارضية الشمالي على نسبة أكبر من اشعة الشمس (الصيف)، يحصل نصف الكرة الجنوبي على الاشعة بنسبة اقل ويكون فصل (الشتاء)،وهكذا بالنسبة لباقي الفصول
كيف نعرف بداية الموسم ؟
حسنا دعونا لا ننسى ان الارض مائلة على محورها فتختلف نسبة الاشعة بحسب موقع الدولة، و السعودية تقع بنصف الكرة الشمالي وعلى هذا تكون مواعيد الفصول كالتالي:
كيف نعرف المنتجات الموسمية ؟
كل فصل يستغرق 3 أشهر، ويتميز بمنتجات زراعية معينة فنجد الجذريات في الشتاء، والعشبيات والاوراق الخضراء في الربيع، والثمار الطرية بالصيف، والقرعيات بالخريف، لكن بعض المنتجات تتوفر على مدار السنة، حيث يمكن ان تثمر بشكل دوري وأحيانا في فصلين مختلفين، ونفس الفصل نجد في اوله منتجات من الفصل السابق وفي نهايته تظهر منتجات للفصل الجديد، فمثلا الكمثرى بدأت بالظهور مع نهاية فصل الصيف لكن ذروتها تكون في فصل الخريف وتنتهي مع بداية الشتاء.
قائمة المنتجات الموسمية بحسب الفصول الاربعة :
الشتاء
ديسمبر / يناير/ فبراير
الحمضيات بمختلف انواعها، البطاطا الحلوة، اللفت، الملفوف، الشمندر،الهليون، الكرافس
الخريف
سبتمبر/ اكتوبر/ نوفمبر
التمر والبلح، التفاح والكمثرى والرمان،القرع والكرافس والجزر والبطاطا الحلوة والبصل
الربيع
مارس/ ابريل/ مايو
الفراولة والتوت والجريب فروت الطماطم والمانجو ، انوع مختلفة من العشبيات مثل الجرجير والكراث والبصل الاخضر، الفجل، الشمر ، القرنبيط، انوع الفاصوليا البازلاء، الفطر والفقع ، البروكلي
الصيف
يونيو/ يوليو/ اغسطس
المشمش و الخوخ والمانجو، مختلف انواع التوت والفراولة والكرز، التين والعنب، البطيخ والشمام، الطماطم ، البامية الفلفل الرومي الفاصوليا الخضراء والادمامي والخيار والباذنجان
ماذا عن المنتجات المحلية و كيف نحصل عليها
تختلف قائمة المنتجات الموسمية مناخيا عما يمكن انتاجه محليا او جغرافيا، فكل دولة لها تضاريسها الجغرافية وقدرتها الاقتصادية في تنمية مزروعات معينة قد لا تقوى الدول المجاورة لها على انتاجها رغم وجود المناخ المناسب، وبالتأكيد تساعدنا فكرة المنتجات الزراعية بحسب الموسم كبداية في معرفة واكتشاف منتجاتنا المحلية، ومن المستحسن الجمع بين قائمة المنتجات الموسمية و قائمة المنتجات المحلية لتحقيق الهدف من هذا النمط، وهنا اعرض لكم افضل الطرق والتي ساعدتني في الاستمرار على هذا النمط وتتبع المنتجات المحلية:
الشراء من حلقة الخضار المركزية: شخصيا أفضل الزيارة تكون كل اسبوعين وسنجد المنتجات الموسمية معروضة بكثافة بدون الحاجة الى السؤال، ولتفادي مشكلة الكميات الكبيرة او البيع بالجملة اقوم بالمشاركة مع اخواني واخواتي او الجيران،علما انه تتواجد بعض البسطات والمحلات والتي يمكن الحصول منها على حصص اصغر او كميات اقل عوضا عن الشراء بالصناديق، بهذه الطريقة تشكلت معرفتي بالمنتجات المحلية وكنت ولا زلت اتبعها لكن توقفت مع جائحة كورنا، وهذه الفكرة تماثل تماثل فكرة اسواق المزارعين والتي تنعقد احيانا بالتوافق مع المهرجانات والفعاليات السياحية، طبعا توقفت الان الى حين انتهاء ازمة كورونا.
نشرات وتطبيقات السوبر ماركت وخدمات توصيل المنتجات، حسنا كانت هذه طريقتي الثانية لكنها الان الوسيلة المعتمدة عندي من بدء جائحة كورونا ، فمعظم السوبر ماركت تقوم بإطلاق عروض تكون محدودة لبضعة ايام بشكل اسبوعي لترويج وبيع المنتجات الموسمية ايضا سنلاحظها في المنتجات المستوردة عند تدني سعرها فمثلا التوت بمختلف انواعه ينخفض سعره الى النصف عندما يكون في ذورة موسمه،واصبحت معظم المنتجات يتم الاشارة الى مصدرها سواء كانت محلية فيتم الاشارة الى المدينة او المزرعة اما اذا كانت مستوردة فيتم ذكر الدول والتي تم الاستيراد منها وهذا امر لم يكن متاح قبل بضعة سنوات.
محلات التجزئة الصغيرة والتي تتواجد تقريبا في كل حي بعضها تكون كبيرة وتتوفر بها منتجات من المزارع المتواجدة حول مكان اقامتكم يمكنكم من خلالها الحصول ايضا على منتجات محلية مثل القشطة والاجبان وبعض المخبوزات لذلك من المهم السؤال والاستفسار عن المنتجات ومصدرها
زيارة المزارع الصغيرة والقريبة من مكان اقامتكم، التواصل مع اصحابها والاستفسار عن منتجاتهم ومنافذ بيعها، هذا من شأنه تشجيع المزارع للاتصال بكم لتزويدكم بالمنتجات الجديدة والموسمية بالنسبة لي في كل مدينة أزورها احرص على زيارة المزارع واسواق المزارعين.
متابعة الحسابات المتخصصة في صناعة الاغذية وحسابات المزارعين على الانترنت، فغالبا يتم عرض المنتجات الموسمية مع توضيح لمنافذ البيع وتقديم خدمات التوصيل والامر ينطبق على بعض الحسابات العربية لمدوني الاطعمة ومتذوقي الطعام.
الزراعة في حديقة المنزل، بالطبع هذه افضل الحلول ويمكن البدء بالمزروعات البسيطة مثل الاعشاب الخضراء وبعض الخضار والتي تمنو بشكل دوري
قائمة مواقعي المفضلة
لمعرفة المنتجات الموسمية والمحلية:
موقع Eat Seasonably متخصص في نشر ثقافة الاكل الموسمي والمحلي، يعرض ما يمكن زراعته وتناوله لكل شهر، اضافة الى خدمات متنوعة اعتمدت عليه كثيرا في البداية وقبل معرفتي للمنتجات المحلية.
موقع The kitchn و Seriouse eats قراءة اسبوعية سوف تلهمكم في اختيار المكونات الموسمية وهناك عدة مواقع اخرى مماثلة لكن بالنسبة لي اجد انهما افضل المواقع.
من الحسابات العربية المفضلة حساب سليمان المحيميد متذوق و محرر عن الاطعمة، ايضا هناك قائمة من المدونات العربية والتي احب الاشارة اليها في مقالاتي دائما منها على سبيل المثال لا الحصر مدونة مستكة،طاولة رنين، خلود عولقي، منال عبيدة.
اخيرا .. شاركوني قائمتكم المفضلة من المنتجات المحلية ومنافذ بيعها ويسرني ادراجها ضمن قائمتي من المفضلات.